وذي حدب يلتج بالسفن كلما
للشاعر: محمود سامي البارودي
وَذِي حَدَبٍ يَلْتَجُّ بِالسُّفْنِ كُلَّمَا
زَفَتْهُ نَؤُوجٌ فَهُوَ يَعْلُو وَيَسْفُلُ
كَأَنَّ اطِّرَادَ الْمَوْجِ فَوْقَ سَرَاتِهِ
نَعَائِمُ فِي عَرْضِ السَّمَاوَةِ جُفَّلُ
إِذَا شَاغَبَتْهُ الرِّيحُ جَاشَ عُبَابُهُ
وَظَلَّ أَعَالِي مَوْجِهِ يَتَجَفَّلُ
يَهِيجُ فَيَرْغُو أَوْ يَعِجُّ كَأَنَّمَا
تَخَبَّطَهُ مِنْ أَوْلَقِ الضِّغْنِ أَزْفَلُ
تَقَسَّمَهُ خُلْقَانِ لِينٌ وَشِدَّةٌ
بِعَصْفَةِ رِيحٍ فَهْوَ دَاهٍ وَأَرْفَلُ
عَلَوْنَا مَطَاهُ وَهْوَ سَاجٍ فَمَا انْبَرَتْ
لَه الرِّيحُ حَتَّى ظَلَّ يَهْفُو وَيَرْفُلُ
كَأَنَّا عَلَى أُرْجُوحَةٍ كُلَّمَا وَنَتْ
أَحَالَ عَلَيْهَا قَائِمٌ لَيْسَ يَغْفُلُ
فَطَوْرَاً لَنَا فِي غَمْرَةِ اللَّجِّ مَسْبَحٌ
وَطَوْرَاً لَنَا بَيْنَ السِّمَاكَيْنِ مَحْفِلُ
فَلا هُوَ إِنْ رُعْنَاهُ بِالْجِدِّ يَرْعَوِي
وَلا إِنْ سَأَلْنَاهُ الْهَوَادَةَ يَحْفِلُ
عَرَوْنَا فَأَبْخَلْنَاهُ فَضْلَ حِبَائِهِ
وَمِنْ عَجَبٍ إِمْسَاكُهُ وَهُوَ نَوْفَلُ
قَلِيلٌ عَلَى عَهْدِ الإِخَاءِ ثَبَاتُهُ
فَأَسْفَلُهُ عَالٍ وَعَالِيهِ سَافِلُ
إِذَا حَرَّكَتْهُ غَضْبَةٌ مَاتَ حِلْمُهُ
وَظَلَّ عَلَى أَضْيَافِهِ يَتَأَفَّلُ
شَدِيدُ الْحُمَيَّا يَرْهَبُ النَّاسُ بَطْشَهُ
وَلَكِنَّهُ مِنْ نَفْخَةِ الرِّيحِ يُجْفِلُ
كَأَنَّ أَعَالِي الْمَوْجِ عِهْنٌ مُشَعَّثٌ
بِهِ وَانْحِدَارَ السَّيْحِ شَعْرٌ مُفَلْفَلُ
ذَكَرْنَا بِهِ مَا قَدْ مَضَى مِنْ ذُنُوبِنَا
وَفِي النَّاسِ إِنْ لَمْ يَرْحَمِ اللَّهُ غُفَّلُ
وَكَيْفَ تُرَانَا صَانِعِينَ وَكُلُّنَا
بِقَارُورَةٍ صَمَّاءَ وَالْبَابُ مُقْفَلُ
فَلا تَبْتَئِسْ إِنْ فَاتَ حَظٌّ فَرُبَّمَا
أَضَاءَتْ مَصَابِيحُ الدُّجَى وَهْيَ أُفَّلُ
فَقَدْ يَبْرَأُ الدَّاءُ الْعُضَالُ وَيَنْجَلِي
ضَبَابُ الرَّزَايَا وَالْمُسَافِرُ يَقْفُلُ
وَكَيْفَ يَخَافُ الْمَرْءُ حَيْفَاً وَرَبُّهُ
بِأَحْسَن مَا يَرْجُو مِنَ الرِّزْقِ يَكْفُلُ
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
محمود سامي البارودي
مجلس قراء هذه القصيدة
مساحة للتذوق الفني وتبادل الآراء حول الأبيات
