ما لقلبي من لوعة ليس يهدا
للشاعر: محمود سامي البارودي
مَا لِقَلْبِي مِنْ لَوعَةٍ لَيْسَ يَهْدَا
أَوَ لَمْ يَكْفِ أَنَّهُ ذَابَ وَجْدَا
وَسَمَتْنِي بِنَارِهَا الْغِيدُ حَتَّى
تَرَكَتْنِي فِي عَالَمِ الْحُبِّ فَرْدَا
فَضُلُوعِي مِنْ قَدْحَةِ الزَّنْدِ أَوْرَى
وَدُمُوعِي مِنْ صَفْحَةِ الْغَيْمِ أَنْدَى
مَا عَلَى الْبَرْقِ لَوْ تَحَمَّلَ عَنِّي
بَعْضَ مَا خَفَّ مِنْ سَلامٍ فَأَدَّى
أَيُّهَا السَّاهِرُونَ حَوْلَ وِسَادِي
لَسْتُ مِنْكُمْ أَوْ تَذْكُرُوا لِيَ نَجْدَا
وَعُهُودَاً لَمْ يَتْرُكِ الدَّهْرُ مِنْهَا
لأَخِي صَبْوَةٍ ذِماماً وَعَهْدَا
وَنَسِيمَاً إِذَا سَرَى ضَوَّعَ الآ
فَاقَ مِسْكَاً وَعَطَّرَ الْجَوَّ نَدَّا
لا تَخُوضُوا فِي غَيْرِهِ مِنْ حَدِيثٍ
فَهْوَ حَسْبِي وَأَيُّ مَاءٍ كَصَدَّا
هِيَ أُحْدُوثَةٌ تُسَاقُ وَلَكِنْ
رُبَّمَا اسْتَوْجَبَتْ ثَنَاءً وَحَمْدَا
آهِ مِنْ لَوْعَةٍ أَطَارَتْ بِقَلْبِي
شُعْلَةً شَفَّتِ الْجَوانِحَ وَقْدَا
كُلَّمَا قُلْتُ قَدْ تَنَاهَى غَرَامِي
عَادَ مِنْهُ مَا كَانَ أَصْمَى وَأَرْدَى
يَا رَفِيقِي إِذَا عَرَانِيَ خَطْبٌ
وَنَصِيرِي إِذَا خَصِيمٌ تَصَدَّى
أَصْبَحَتْ حَاجَتِي إِلَيْكَ فَخُذْ لِي
بِحُقُوقِي مِنْ ظَالِمٍ قَدْ تَعَدَّى
وَجَدَ الْقَلبَ خَالِياً فَاحْتَوَاهُ
وَرَأَى النَّفْسَ طَوْعَهُ فَاسْتَبَدَّا
وَكَذاكَ السُّلْطَانُ إِنْ ظَنَّ بِالأُمْ
مَةِ عَجْزَاً سَطَا عَلَيْهَا وَشَدَّا
فَأَقِلْنِي مِنْ عَثْرَةِ الحُبِّ إِنْ أُو
تِيتَ حُكْمَاً أَوْ قُلْ لِقَلْبِيَ يَهْدَا
فَمِنَ الْعَارِ غَضُّ طَرْفِكَ عَنَّي
إِنَّ خَيْرَ الصِّحَابِ أَنْفَعُ وُدَّا
وَبِنَفْسِي حُلْوُ الشَمائِلِ مُرُّ الْ
هَجْرِ يُحْيِي وَصْلاً وَيَقْتُلُ صَدَّا
ذُو قَوَامٍ أَعْدَى مِنَ الرُّمْحِ لِيناً
وَلِحَاظٍ أَمْضَى مِنَ السَّيْفِ حَدَّا
كَانَ قَلْبِي وَدِيعَةً عِنْدَ عَيْنَيْ
هِ فَآلَى بِالسِّحْرِ أَلَّا يُرَدَّا
مَا عَلَى قَوْمِهِ وَإِنْ كُنْتُ حُرَّاً
أَنْ دَعَتْنِي لَهُ الْمَحَبَّةُ عَبْدَا
غُصْنُ بَانٍ قَدْ أَطْلَعَ الْحُسْنُ فِيهِ
بِيَدِ السِّحْرِ جُلَّنَاراً وَوَرْدَا
مَا هِلالُ السَّماءِ مَا الظَّبْيُمَا الْوَرْ
دُ جَنِيَّاً ما الْغُصْنُ إِذْ يَتَهَدَّى
هُوَ أَبْهَى وَجْهاً وَأَقْتَلُ أَلْحَا
ظَاً وَأَنْدَى خَدَّاً وَأَلْيَنُ قَدَّا
فَدَعِ اللَّوْمَ يَا عَذُولُ فَإِنِّي
لَسْتُ أَبْغِي مِنَ الْعَواذِلِ رُشْدَا
لا تَخَلْنِي عَلَى غَرَاتِكَ سَهْلاً
أَنَا أَدْرَى بِلَوْعَتِي مِنْكَ جِدَّا
لَسْتُ أَقْوَى عَلَى الصُّدُودِ وَإِنْ كُنْ
تُ عَلَى سَوْرَةِ الْحَوَادِثِ جَلْدَا
إِنْ تَكُنْ رَحْمَةٌ فَنَفْسِيَ أَوْلَى
أَوْ تَكُنْ ضَلَّةٌ فَرَبِّيَ أَهْدَى
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
محمود سامي البارودي
مجلس قراء هذه القصيدة
مساحة للتذوق الفني وتبادل الآراء حول الأبيات
