ما بين روض طيب الأهواء

للشاعر: حسن حسني الطويراني

ما  بَين رَوض طَيِّبِ الأَهواءِ
سَفرت فَهاجت بِالحَشا أَهوائي
رودٌ جَرى ماء الشَباب عَلى رُبى
وَجناتها  يا حَبَذا مِن ماء
رقت فراقَت ناظِريّ وَمُهجتي
ما  بَينَ بَهجة مَنظر وَبَهاء
وَتحكّمت إِذ أَرسلت لحظاتها
رُسلاً دَعتنا لبَيعة الحَسناء
وَتلت عَلَينا الساحرات مِن الهَوى
آيات  حب معجز الوصفاء
سفرت فَما شَمس النَهار كَما بَدَت
وَمضت  تَروع بليلة لَيلاء
سَفرت  وَلَيل الأُنس يَغشى يَومه
بِسَتائر  مِن  عَنبر الظَلماء
وَسَعَت  فَغُصن رنحته نَسمة
بِمَدامة كَالوَردة الحَمراء
نَثر اللآلئ في رِياض كؤوسها
كفُّ الحَباب وَراحةُ الأَنواء
ظَنوا تمايلها بفعل مدامها
وَنَسوا  تَأوُّدَ بانةٍ هَيفاء
هِيَ  قامة السَمراء إِلّا أَنها
مَخلوقة  مِن دُرة بَيضاء
وَجلت عَلَينا وَجهها وَعقودها
كَالبَدر يُسفر مِن وَرا الجَوزاء
وَافت لَنا وَرَنَت لَواحظُها فَكَم
هِيَ  أَخجلت مِن نيِّرٍ وَظباء
وَشدت  فَشدّت بِالغَرام عَلى النُهى
فَغَدا طَبيب القَوم رَبَّ الداء
وَالرَوض جوُّ زمردٍ وَالزَهر زُهـ
ـرُ  كَواكبٍ تَبدو لعين الرائي
وَجرت  جداوله كأَنَّ مَجرّة
شقت لِأَرض الرَوض وَجهَ سَماء
وَالطير هاتفة عَلى أَغصانها
مِن  بلبل غَرِدٍ وَمِن وَرقاء
وَالكُل هاتفة بِمَدح أَبي الفِدا
كَهف  الملمّ وَغرّة الأُمَراء
مَن  شَأنُه السامي الجَليل وَشَأوُه الـ
ـعالي البَعيد معزز العَلياء
لا تسئلنَّ بمصره عَن عَصره
غَير اغتِنام مَسرةٍ وَصَفاء
فَلَقَد أَعاد شبابها في نَضرة
مِن  بَعد طُول تَقلّب الغَبراء
أَحيى  رُسوم دَوارسٍ من فضلها
بِمدارس دَرست رُسومَ عَناء
أَوَما تَرى شَمس المَعارف أَصبَحَت
تَجلو سَماء تدبّر العقلاء
غَرسَ  المَفاخرَ أَوّلوه فجادها
سَقياً فَجاء عَلى البَقا بِنَماء
وَمِن العَجائب أَن نَرى هرماً بِها
وَشَبابها غضٌّ بحسن بهاء
تِلكَ المَآثر لا بقية من مَضى
من  صمِّ  صَلدٍ أَوخُلود بِناء
لا تذكرن لي غَير مَجد واضح
وَمَكارم وَشهامةٍ شَماء
إِني  أَعيذك أن تَشيبَ حديثَنا
بَعد النُهَى بسفاسف القدماء
مَن مثل إِسماعيل وَاحد دَهره
متكافئ العزمات وَالآراء
وَهوَ المهاب لعدله وَهوَ المرج
جى  فَضله في شدّة وَرَخاء
فَإِذا  دَعَوت  لنعمة أَو نَقمة
والاك   بالآلاء  وَالشَعواء
وَإِذا لزمت لزمت طوداً عاصماً
مِنهُ  يَردّ تموّجَ الأَرزاء
آباؤه  سادوا  وَساد  وَإنهم
شادوا  فشاد مآثر العظماء
وَلَقَد حَباه اللَه تَوفيقاً فَما
يَقضي سِوى مَسنونةَ الحُكماء
حسن  الفعال وكامل الإفضال لا
يَثني لِغَير سِياسة وَثَناء
دامَت  مَعاليه  وَسدّد رَأيه
في  نعمة تَلقى العِدا بِشَقاء
وَإِلَيكَ  يا روح المَكارم تَزدَهي
مَحفوظة  عَن ذلة الشعراء
درّاً بوصف علاك يحسنُ نَسقُهُ
في  غرّة  الأَيام  باللألاء
وَلأنت  أَولى  بِالمَديح وَإِنَّني
أَولى  بمدحك وَالثَناء ثرائي
0 أبيات مختارة

عن الشاعر

حسن حسني الطويراني

مجلس قراء هذه القصيدة

مساحة للتذوق الفني وتبادل الآراء حول الأبيات

💬 التعليقات0

يجب عليك تسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

تسجيل الدخول / إنشاء حساب