لله صب دائم الحسرات
للشاعر: حسن حسني الطويراني
لِلّه صَبٌّ دائمُ الحَسراتِ
متواصلُ الزفراتِ وَالعبراتِ
يَشكو من الأَيام كُلَّ عَجيبةٍ
من فائتٍ وَغَريبةٍ من آت
أَما العُيونُ ففي الدُموع غَريقةٌ
تَجري وَأَما القَلبُ في جَمرات
يُسقَى من الأَفكار كُلَّ مَريرةٍ
فَيعالجُ السَّكراتِ وَالغَمراتِ
لا حيّ كي يُرجَى مع الأَحياء بَل
لا ميّتٌ يُبكَى مَع الأَموات
في حبهم هجرَ الزَمانَ وَأَهلَه
وَسلا النَعيمَ وَطيِّبَ الأَوقات
وَلَكَم تُحمِّلُهُ الغوايةُ خطبَها
وَتفلُّ مِنهُ غَربَ سَيفِ ثَبات
يُمسي عَلى أَملٍ وَيُصبح يائِساً
رَهنَ السقام وَعُرضَةَ الآفات
وَيَظلّ يردّد فكرَهُ فيهم إِذا
لاقى المَلا وَيَبوحُ في الخَلوات
لا يَدري ما طيبُ المَنام وَلذّةُ الـ
ـأَيامِ وَالأَحبابِ وَالراحات
لَم يَرتَشف إِلا المَدامعَ قَهوةً
فَالعَينُ منهُ مَوضعُ الكاسات
مترقّبٌ أَخبارَهم مسترجعٌ
ذاكَ اللقا متربّصُ الفرصات
قَد هامَ في حُب الأَحبة يافعاً
فَقَضى بِهِ الأَعوامَ وَالسَنوات
يَهوى بِهِ حَيثُ المدامةُ وَالهَوى
فَضلُ الشَبيبة وَالجَمال الذاتي
حَتّى غَدا عَنهُ لسانُ الحال يَش
كو ما جَرى وَيترجمُ الحالات
وَيَقول وَالدَمعُ المصون مبدَّدٌ
كَالشَملِ وَالأَفكارُ ذاتُ شتات
إِني سَباني مهجتي ذو طَلعة
فَتانةٍ وَلَواحظٍ ثَمِلات
إِن مالَ مالَت دُونه قُضُبُ النَقا
وَإِذا رَنا ردّ الظُّبا خَجِلات
في ظَلمه الصافي الشهيِّ وَلَحظه الـ
ـساجي حياتي في الهَوى وَمَماتي
وَإِذا جَرى ماء النَعيم على رُبَى
وجناته فلطلُّ في الجنات
يا حسنها من طلعةٍ في طرّةٍ
تُبدي لك الأنوارَ في الظلمات
ظَبيٌ غَريرٌ لا يؤلَّفُ طبعُهُ
وَكَذا النفارُ طَبيعةُ الظبيات
عانقتُه يومَ النَوى وَقَد انقضى
دَهري وَما قضّيت من حاجاتي
عانقتُه ثم انثنينا رُجَّعاً
وَوداعُنا بتراسلِ اللفتات
فارقتُه وَأَنا وَحقِّ غَرامِه
فارقتُ أُنسي بَعدَه وَحَياتي
وَنَأى وَما لي عَنهُ مِن صَبرٍ أَرى
وَكَذ اللَيالي لَم تَزَل غَدِراتي
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
حسن حسني الطويراني
مجلس قراء هذه القصيدة
مساحة للتذوق الفني وتبادل الآراء حول الأبيات