لصبا الحجاز بكى وإن لم يطرب
للشاعر: حسن حسني الطويراني
لصَبا الحجازِ بَكى وَإِن لَم يَطربِ
صبٌّ تمسك من شذاه الطيِّبِ
يشكو الهَوى مما به بلسانه
وَيعيذها من قلبه المتلهب
بالله يا ريح الصبا حيي الحِمى
وَببثِّ ما يشكو إِليهِ تقرّبي
وَتردّدي بَيني وَبين أَحبتي
فَإِذا بَلغت فِنا الديار فشبّبي
وَتحملي عني السَلام تحيةً
وَلِجي إِلى تِلكَ الرُبى وَتَأدّبي
وَتبتلي وَصفي مذلة والهٍ
للأكرم الثاوي بطيبة يَثرب
وَقفي عَلى الأَعتاب ثمَّ وَسلِّمي
منّي عَلى قَبرٍ تشرّف بالنبي
قولي عُبيدُك يا رسول اللَه قَد
عرف الحقيقة بَعدَ أَيّ تَشعُّب
فَلَكَم أَطاع النَفس حينَ عَصى الهُدى
جهلاً وَكَم أَرضى الغرور بمغضب
ما قدّمت أَيديه إِلا حَسرةً
لِلنفس شيمة مسرفٍ لم يحسب
أَفنى الليالي في سِوى ما ينبغي
وَأَضاع سحبَ رضاً ببرقٍ خُلَّب
صحب الزَمانَ وَأَهلَه حتى إِذا
وَضح الرَشاد كَأَنه لَم يصحب
وَصَلَ الغرورَ وَفصَّلَ الأَوقاتَ في
غَير الحَقائق شأنَ من لم يَدأب
في الحَزم فرّطَ حيث أَفرط في الهَوى
سُلبَ الفراغَ بغير شغل موجب
ذهب المذاهبَ في انتِقا رأَيِ السوى
بشؤونه يا ليته لم يذهب
وَلَكَمْ صبا حيث الصِّبا ومع الشبا
ب مضى يُشبِّبُ بالغرير الربرب
وَلَكَم قضى الليل الطويل مفكراً
في شأن كل أَخ كمثل الكَوكَب
وَلَكَم بكى زيداً وحنّ لخالد
وَرعى هوى هندٍ وَتاه بزينب
كَم أَحرِمُ الأَجفانَ من سنة الكَرى
للغير ما رَقَبَت وَما لم ترقب
كَم أُجهِدُ النفس الأَبيةَ في هَوى
مَن لَم يَكُن بِأَخي الشَقيق وَلا أَبي
وَلَكم سَطا نَحوي الظَلامُ بِأَدهم
مِن هَمه وَدَهى الصَباح بأشهب
حجبتني الأَغيار عن دَرَكِ الهُدى
حَتّى بَدَت فَإِذا بِها لَم تحجب
شُكراً لعاقبة التجارب إِنَّها
كشفت عن الدُنيا نقابَ الغيهب
فإليك يا خير البرية حاجتي
وَجَّهتُها وَلأنتَ أَولى الناس بي
قدّمتُ نفساً قَد تؤّمن خوفَها
آمالٌ معترفٍ ذليلٍ مذنب
وَعرضتُ وجهاً سوّدَتهُ جنايةٌ
سينال نوراً منك إِن تك تجتبي
وَبسطتُ بالأعتاب خدّاً خاضعاً
سيفوز منها بالمنى وَالمطلب
وَعَلى رحابك قَد أنختُ مطيةً
إِن لَم يكرّم نُزْلُها لم تركب
يا رحمة الرَحمن بَين عباده
ارحم ذليلاً في معزتكم رَبِي
ارحمه وهو الكهل شارف شيبه
فَلَكَم رأفت بِهِ وَقد كان الصبي
يا حجة الديان ما لي حجةٌ
إلا الوقوف بذلةٍ وتأدّب
فَأَقل عثاري وَقل نجوتَ فطالما
بكَ قَد أَراح اللَه بالَ المتعب
وَلئن مدحتُ سواك وَهِيَ ضلالة
لا لاجتلاب عُلاً وَلا لتكسُّب
وَلئن شكا قلمي الدجى وَأَناملي
يا بئس ما كتبت وَما لم تكتب
فلأمحون ذنوبَها بقصائدٍ
تسعى بمدحك وَالثنا في مَوكب
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
حسن حسني الطويراني
مجلس قراء هذه القصيدة
مساحة للتذوق الفني وتبادل الآراء حول الأبيات