شعار الديوان التميمي

كل صعب سوى المذلة سهل

للشاعر: محمود سامي البارودي

كُلُّ صَعْبٍ سِوَى الْمَذَلَّةِ سَهْلُ
وَحَيَاةُ الْكَرِيمِ فِي الضَّيْمِ قَتْلُ
لَيْسَ يَقْوَى امْرُؤٌ عَلَى الذُّلِّ مَا لَمْ
يَكُ فِيهِ مِنْ صِبْغَةِ اللُّؤْمِ دَخْلُ
إِنَّ مُرَّ الْحِمَامِ أَعْذَبُ وِرْدَاً
مِنْ حَيَاةٍ فِيهَا شَقَاءٌ وَذُلُّ
أَنَا رَاضٍ بِتَرْكِ مَالِي وَأَهْلِي
فَالْعَفَافُ الثَّرَاءُ وَالنَّاسُ أَهْلُ
لا يَلُمْنِي عَلَى الْحَفِيظَةِ قَوْمٌ
غَرَّهُمْ مَنْظَرُ الْحَيَاةِ فَضَلُّوا
أَلِفُوا الضَّيْمَ خَشْيَةَ الْمَوْتِ وَالضَّيْـ
ـمُ لَعَمْرِي فَجْعٌ خَسِيسٌ وَثُكْلُ
كَيْفَ لا أَنْصُرُ الرَّشَادَ عَلَى الْغَيْـ
ـيِ وَعَقْلِي مَعِي وَفِي النَّفْسِ فَضْلُ
إِنَّمَا الْمَرْءُ بِاللِّسَانِ وَبِالْقَلْـ
ـبِ فَإِنْ خَابَ مِنْهُمَا فَهْوَ فَسْلُ
قَدكِ يَا نَفْسُ فَالتَّصَبُّرُ إِلَّا
فِي لِقَاءِ الْحُرُوبِ غَبْنٌ وَجَهْلُ
فَابْعَثِيهَا شَعْوَاءَ يَحْكُمُ فِيهَا
مُنْصُلٌ صَارِمٌ وَرُمْحٌ مِتَلُّ
هو إِمَّا الْحِمَامُ أَوْ عِيشَةٌ خَضْـ
ـرَاءُ فِيهَا لِمَنْ تَفَيَّأَ ظِلُّ
إِنَّ مُلْكَاً فِيهِ فُلانٌ وَزِيراً
لَمُبَاح لِلْخَائِنِينَ وَبِلُّ
أَهْوَجٌ أَحْمَقٌ شَتِيمٌ لَئِيمٌ
أَغْتَمٌ أَبْلَهٌ زَنيمٌ عُتُلُّ
صَغُرَتْ رَأْسُهُ وَأَفْرَطَ فِي الطُّولِ
شَوَاهُ وَعُنْقُهُ فَهْوَ صَعْلُ
أَبْرَزَتْ قُدْرَةُ الطَّبِيعَةِ مِنْهُ
شَكْلَ لُؤْمٍ إِنْ كَان لِلُّؤمِ شَكْلُ
هَدَفٌ لِلْعُيُوبِ فِي كُلِّ عُضْوٍ
مِنْهُ سَهْمٌ لِلطَّاعِنِينَ وَنَصْلُ
نَسَلَتْهُ مِنِ استِهَا أُمُّ سُوءٍ
مَا لَهَا غَيْرَ طَائِفِ اللَّيْلِ بَعْلُ
كُنْ كَمَا شِئْتَ يَا فُلانُ وَمَا شَا
ءَتْ رِجَالٌ فَأَنْتَ لِلُّؤْمِ أَهْلُ
لَيْسَ تُغْنِي الأَلْقَابُ عَنْ كَرَمِ الأَصْ
لِ فَمَجْدُ الْفَتَى عَفَافٌ وَعَقْلُ
أَنْتَ مِنْ عُنْصُرٍ لَوِ اتَّكَأَ الذَّرْ
رُ عَلَيْهِ لآدَهُ مِنْهُ حِمْلُ
نَازَعَتْكَ الْيَهُودُ وَاخْتَلَفَتْ فِيـ
ـكَ النَّصَارَى فَأَنْتَ لا شَكَّ بَغْلُ
إِنَّ بَيْتَ الْوَزَّانِ لَمْ يَزِنُوا شَيْـ
ـئاً وَلَكِنَّ فِيهِمْ عَلَى ذَاكَ ثِقْلُ
كَثُرُوا عِدَّةً وَلَوْ أَحْصَنَ الْبَا
بَ أَبُوهُمْ عَنِ الزُّنَاةِ لَقَلُّوا
لَوْ عَزَوْنَا كُلَّ امْرِئٍ لأَبِيهِ
مِنْ فرَاخِ الْوَزَّانِ لَمْ يَبْقَ نَسْلُ
كُلُّ وَغْدٍ أَهْدَى إِلَى اللُّؤْمِ مِنْ بَا
زِ وَلَكِنْ مِنَ الْحِمَارِ أَضَلُّ
قَدْ تَغَذَّى بِاللُّؤْمِ إِذْ هُوَ طِفْلٌ
وَتَمَادَى فِي الْغَيِّ إِذْ هُوَ كَهْلُ
لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ تَحْمَدُ الْعَيْنُ رُؤْيَا
هُ وَلا مِنْهُمْ إِلَى النَّفْسِ خِلُّ
أَدْرَكُوا فِي الْعُيُوبِ أَبْعَدَ خَصْلٍ
كُلُّ حَيٍّ لَهُ بِمَا شَاءَ خَصْلُ
كَيْفَ لا تَشْمَلُ الدَّنَاءَةُ قَوْمَاً
نَشَأُوا فِي الصَّغَارِ حِينَ اسْتَهَلُّوا
هُمْ لَعَمْرِي أَذَلُّ مِنْ قَدَمِ الْنَّعْـ
ـلِ نُفُوساً وَالنَّعْلُ مِنْهُمْ أَجَلُّ
كُنْتُ لا أُحْسِنُ الْهِجَاءَ وَلَكِنْ
عَلَّمَتْنِي صِفَاتُهُمْ كَيْفَ أَتْلُو
كُلُّ شَيءٍ يَفْنَى وَلَكِنْ هِجَائِي
فِيكَ بَاقٍ مَا عَاقَبَ السَّيْفَ صَقْلُ
0 أبيات مختارة

عن الشاعر

محمود سامي البارودي

💬 التعليقات0

يجب عليك تسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

تسجيل الدخول / إنشاء حساب