شعار الديوان التميمي

كفى بالضنى عن سورة العذل ناهيا

للشاعر: محمود سامي البارودي

كَفَى بِالضَّنَى عَنْ سَوْرَةِ الْعَذْلِ نَاهِيَا
فَأَهْوَنُ مَا أَلْقَاهُ يُرْضِي الأَعَادِيَا
بَلَوْتُ الْهَوَى حَتَّى بَلِيتُ وَطَالَ بِي
مَرِيرُ النَّوَى حَتَّى نَسِيتُ التَّلاقِيَا
وَمَا كُنْتُ ذَا غَيٍّ وَلَكِنْ إِذَا الْهَوَى
أَصَابَ حَلِيمَ الْقَوْمِ أَصْبَحَ غَاوِيَا
إِلَى اللَّهِ أَشْكُو نَظْرَةً مَا تَجَاوَزَتْ
حِمَىالْعَيْنِ حَتَّى أَوْرَدَتْنِي الْمَهَاوِيَا
رَمَيْتُ بِهَا عَنْ غَيْرِ عَمْدٍ فَلَمْ تَعُدْ
عَلَى النَّفْسِ إِلَّا بِالَّذِي كَانَ قَاضِيَا
هَجَرْتُ لَهَا أَهْلِي وَفَارَقْتُ جِيرَتِي
وَغَاضَبْتُ فِي الخُلَّانِ مَنْ كَانَ رَاضِيَا
وَأَصْبَحْتُ مَسْلُوبَ الْجَنَانِ كَأَنَّنِي
شَرِبْتُ بِكَأْسٍ تَتْرُكُ الْعَقْلَ سَاهِيَا
أَدُورُ وَلا أَدْرِي وَإِنْ كُنْتُ حَازِماً
يَمِينِيَ أَدْنَى لِلْهُدَى مِنْ شِمَالِيَا
صَرِيعُ هَوَىً لا أَذْكُرُ اليَوْمَ بِاسْمِهِ
وَلا أَعْرِفُ الأَشْخَاصَ إِلَّا تَمَادِيَا
فَيَا عَيْنُ لا زَالَتْ يَدُ السُّهْدِ تَمْتَرِي
أَسَاكِيبَ دَمْعٍ مِنْكِ تُرْوِي الْمَآقِيَا
فَأَنْتِ الَّتِي أَوْرَدْتِ قَلْبِي مِنَ الْهَوَى
مَوَارِدَ لَمْ تَتْرُكْ مِنَ الصَّبْرِ بَاقِيَا
أَطَعْتُكِ فَاسْتَسْلَمْتُ بَعْدَ شَكِيمَةٍ
أَعَضَّتْ بِأَطْرَافِ الشَّكِيمِ الْمَذَاكِيَا
فَإِنْ أَنَا سَالَمْتُ الْهَوَى بَعْدَ هَذِهِ
فَلَسْتُ ابْنَ أُمِّ الْمَجْدِ إِنْ عُدْتُ ثَانِيَا
يَلُومُونَ أَشْوَاقِي كَأَنِّي ابْتَدَعْتُها
وَلَوْ عَلِمُوا لامُوا الظِّبَاءَ الْجَوَارِيَا
وَمَا لِيَ ذَنْبٌ عِنْدَهُمْ غَيْرَ أَنَّنِي
شَدَوْتُ فَعَلَّمْتُ الْحَمَامَ الأَغَانِيَا
وَهَلْ يَكْتُمُ الْمَرْءُ الْهَوَى وَهْوَ شَاعِرٌ
وَيَثْنِي عَلَى أَعْقَابِهِنَّ الْقَوَافِيَا
فَيَا نَسَمَاتِ الْفَجْرِ مَا لَكِ كُلَّمَا
تَنَسَّمْتِ أَضْرَمْتِ الْهَوَى فِي فُؤَادِيَا
وَيَا سَجَعَاتِ الأَيكِ رِفْقَاً بِمُهْجَةٍ
~
وَيَا لَمَحَاتِ الْبَرْقِ بِاللَّهِ خَبِّرِي
أَخِلَّايَ بِالْمِقْيَاسِ عَنِّي سَلامِيَا
وَيَا عَذَبَاتِ الْبَانِ إِنْ كُنْتَ إِنَّمَا
تَمِيلُ مَعِي شَوْقاً فَلُقِّيتَ دَاوِيَا
عَوَائِدُ شَوْقٍ أَلْهَبَتْ لاعِجَ الأَسَى
وَرَدَّتْ أَمَانِيَّ الْضَّمِيرِ هَوَافِيَا
لَعَمْرُكَ مَا فَارَقْتُ رَبْعِيَ عَنْ قِلَىً
وَلا أَنَا وَدَّعْتُ الأَحِبَّةَ سَالِيَا
وَلَكِنْ عَدَتْنِي عَنْ بِلادِي وَجِيرَتِي
عَوَادٍ أَبَتْ فِي الْبُعْدِ إِلَّا تَمَادِيَا
زَمَانٌ تَوَلَّى غَيْرَ أَعْقَابِ ذُكْرَةٍ
تَسُوقُ إِلَى الْمَرْءِ الْحَلِيمِ التَّصَابِيَا
فَيَا رَوْضَةَ الْمِقْيَاسِ جَادَكِ سَلْسَلٌ
مِنَ النِّيلِ يَدْعُو لِلْحَنِينِ السَّوَاقِيَا
وَلا بَرِحَتْ تَغْشَاكِ لِلْفَجْرِ نَسْمَةٌ
تَرُدُّ جَبِينَ النَّوْرِ أَزْهَرَ ضَاحِيَا
بِلادٌ صَحِبْتُ الْعَيْشَ فِيهَا مُنَعَّمَاً
وَأَجْرَيْتُ أَفْرَاسَ الْبَطَالَةِ لاهِيَا
فَكَمْ لَذَّةٍ أَدْرَكْتُ فِيهَا وَنِعْمَةٍ
أَصَبْتُ وَآدَابٍ تَرَكْتُ وَرَائِيَا
هِيَ الْوَطَنُ الْمَأْلُوفُ وَالنَّفْسُ صَبَّةٌ
بِمَنْزِلِهَا الأَدْنَى وَإِنْ كَانَ نَائِيَا
فَلا حَبَّذَا الدُّنْيَا إِذَا هِيَ أَدْبَرَتْ
وَإِنْ أَقْبَلَتْ يَوْماً فَيا حَبَّذَا هِيَا
نَشَدْتُ الْمُنَى عَوْدَاً وَقَدْ كُنْتُ بَدْأَةً
مَطَافَ أُنَاسٍ يَنْشُدُونَ الأَمَانِيَا
فَإِنْ لَمْ أَنَلْ مِنْهَا نَصِيباً فَإِنَّنِي
أَرَى الْيَأْسَ عَنْ بَعْضِ الْمَطَالِبِ كَافِيَا
وَمَاذَا الَّذِي تُجْدِي عَلَيَّ فَضَائِلِي
إِذَا كُنَّ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ مَسَاوِيَا
فَلا اخْضَرَّ سَاقُ الْبَقْلِ إِنْ بِتُّ طَاوِيَاً
وَلا انْهَلَّ مَاءُ الْمُزْنِ إِنْ مِتُّ صَادِيَا
0 أبيات مختارة

عن الشاعر

محمود سامي البارودي

💬 التعليقات0

يجب عليك تسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

تسجيل الدخول / إنشاء حساب