عيد تجدد فيه مجد عدنان
للشاعر: جبران خليل جبران
عِيدٌ تَجَدَّدَ فِيهِ مَجْدُ عَدْنَانِ
وَقَدْ تَآخَى المَلِيكَانِ الوَفِيَّانِ
إِنْ مَثَّلا وَطَنَيْنِ اليَوْمَ فِي وَطَنٍ
فَمَا العُروبَةُ إِلاَّ شَمْلُ أَوْطَانِ
هَزَّ ائْتِلافُهُمَا الدُّنْيَا وَبَشَّرَهَا
بِيُمْنِ حَالٍ لأَجْيَالٍ وَأَزْمَانِ
وَمَا يُوَثِّقُ عَهْداً فِي أَوَاصِرِه
كَمَا يُوَثِّقُهُ بِالوُدِّ قَلْبَانِ
فَارُوقُ يَا مَنْ كَفَاهُ فِي حَصَافَته
وَعَدْله أَنَّهْ فَارٌوقٌ الثَّانِي
أَوْلَيْنَ مِصْرَ مِنَ الآلاءِ مَا نَطَقَتْ
بِهِ رَوَائِعُ إِصْلاحٍ وَعُمْرَانِ
إِلَى مَفَاخِرَ مِلْءِ الشَّرْقِ مِنْ أَدَبٍ
وَمِنْ فُنُونٍ وَمِنْ تَثْقِيفِ أَذْهَانِ
وَاليَوْمَ ضَاعَفْتَ مَا تُسْدِي بِمَأْثَرَةٍ
أَعْيَتْ بِلُطْفِ المَعَانِي كُلَّ تِبْيَانِ
فَقَدْ أَتَحْتَ لِمِصْرٍ مُلْتَقًى عَجَباً
جَلا لَهَا مَطْلَعَ البَدْرَيْنِ فِي آنِ
مَا أَعْجَزَ الشِّعْرَ عَنْ إِيفَاءٍ حَقِّهِمَا
لَوْ أَنَّهُ صِيغَ مِنْ دُرٍّ وَعِقْيَانِ
أَهْلاً وَسَهْلاً بِمَنْ فِي القَلْبِ مَنْزِلُهُ
بِالعَاهِلِ العَربِيِّ البَاذِخِ الشَّانِ
كَالنَّجْمِ بُعْداً وَتُدْنِيه مُؤَانَسَةٌ
كَاللَّيْثِ بَأْساً وَفِيهِ حِلْمُ إِنْسَانِ
رَصَانَةٌ وَذَكَاءٌ وَانْبِسَاطْ يَدٍ
أَكْرِمْ بِهَا يَدَ سَمْحٍ غَيْرِ مَنَّانِ
سَلْ أَهْلَ نَجْدٍ وَسَلْ أَهْلَ الحِجَازِ بِهِ
تَسْمَعُ أَحَادِيثَ سُمَّارٍ وَرُكْبَانِ
وَسَلْ أُولِي عَبْقَرِيَّاتٍ جَرَوْا مَعَهُ
عَنْ عَبْقَرِيَّته فِي كُلِّ مَيْدَانِ
نِعْمَ الأَمِينُ لِبَيْتِ الله يُوسِعُهُ
بِرّاً وَيَرْعَاهُ فِي تَقْوَى وَإِيمَانِ
أَقَرَّ حَاضِرَهُ وَبَادِيَهُ
مَا أَنْفَعَ العَدْلَ مُقْرُوناً بِإِحْسَانِ
بَنَى القُرَى فِي أَقَاصِي البِيدِ يَعْمُرُهَا
وَقَبْلَهُ لَمْ تُبَاشِرْهَا يَدَا بَانِ
يَسْتَقْبِلُ العَيْشَ فِيهَا مِنْ تَدَيَّرَهَا
وَلا تُرَاعُ لَهُ شَاءٌ بِذُؤْبَانِ
وَأَخْرَجَ الدَّرَّ مِنْ آَخْلافِ جَلْمَدهَا
لِلعَائِلِينَ وَمِنْ أَجْوَافِ غِيرَانِ
فِي الرِّزْقِ مَاءٌ لإِرْوَاءٍ وَتَغْدِيَةٍ
وَفِيهِ مَاءٌ لأَنْوَارٍ وَنَيدَانِ
وَالمَاءُ وَالنَّارُ جَلَّ اللهُ رَبُّهُمَا
فِي النَّفْعِ لِلنَّاسِ أَوْ فِي الضُّرِّ سِيَّانِ
حَيَّاكَ رَبُّكَ يَا ضَيْفاً أَلَمَّ بِنَا
وَنَحْنُ مِنْ جَذَلٍ أَشْبَاهُ ضِيفَانِ
إِنَّ البِلادَ الَّتِي وَلَّتْكَ سُدَّتَهَا
لَهَا هَوَى مِصْرَ فِي سِرٍّ وَإِعْلانِ
هَوًى وَشَائِجُهُ فِيهَا مُقَدْسَةٌ
وَقَدْ أَقَامَتْ عَلَيْهِ كُلِّ بُرْهَانِ
هَلْ أَبْصَرَ الرَّكْبُ حَشْداً غَيْرَ مُبْتِهِجٍ
فِيهَا وَعَاجَ بِمَغْنًى غَيْرِ مُزْدَانِ
آلُ السُّعُودِ هُمُ الصِّيْدُ الأولَى كَتَبَتْ
آيًَ السُّعُودِ لَهُمْ أَقْلامُ مُرَّانِ
صَحَائِفُ المَجْدُ خَطُّوهَا وَزَيَّنَها
عَبْدُ العَزِيزِ بِتَاجٍ فَوْقَ عُنْوَانِ
فَمَا غَوَى جَيْشُ مِصْرٍ فِي تَحِيَّته
رَبَّ الكَتَائِبِ مِنْ رَجْلٍ وَفُرْسَانِ
يَا سَادَةَ العُرْبِ مِنْ صُيَّابَةٍ نُجُبٍ
أُوتُوا الرِّياسَاتِ أَوْ أَرْبَابُ تِيجَانِ
تَضُمُّهُمْ فِي سَبِيلِ الضَّادِ جَامِعَةٌ
كُلٌّ بِهَا لأَخِيهِ خَيْرُ مِعْوَانِ
هَلْ بُغْيَةُ العُرْبِ إِلاَّ صَوْنُ غِزَّتِهِمْ
بِالاِئْتِلافِ وَإِلاَّ دَرْءُ عُدَوَانِ
لَمْ تَشْهَدُونَا وَأَنْتُمْ بَيْنَ أَعْيُنِنَا
وَرُبَّ قَاصٍ عَلَى رَغْمِ النَّوَى دَانِ
وَيَا مَلِيكَيْنِ فُزْنا مِنْ لِقَائِهِمَا
بِنِعْمَةٍ عَزَّ أَنْ نُوفَى بِشُكْرَانِ
عِيشَا وَزِيدَا فَخضارَ الأُمَّتَيْنِ بِمَا
آتَاكُمَا اللهُ مِنْ جَاهٍ وَسُلْطَانِ
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
جبران خليل جبران
مجلس قراء هذه القصيدة
مساحة للتذوق الفني وتبادل الآراء حول الأبيات
