شعار الديوان التميمي

سلو عن فؤادي بعدكم كيف حاله

للشاعر: لسان الدين بن الخطيب

سَلُو عَنْ فُؤَادِي بَعْدَكُمْ كَيْفَ حَالُهُ
وَقَدْ قُوِّضَتْ عِنْدَ الصَّبَاحِ رِحَالُهُ
وَلاَ تَحْسَبُوا أَنِّي سَلَوْتُ عَلَى النَّوى
فَسُلْوَانُ قَلْبِي فِي هَوَاكُمْ مُحالُهُ
وَمَا حَالُ مَنْ شَطَّتْ بِغَرْبٍ دِيَارُهُ
وَفِي الشَّرْقِ أَهْلُوهُ وَثَمَّ حِلاَلُهُ
وَلَكِنَّنِي وَطَّنْتُ نَفْسِي وَإِنَّهَا
سَجِيَّةُ مَنْ طَابَتْ وَجَلَّتْ خِلاَلُهُ
وَعَلَّلْتُ نَفْسِي بِاللِّقَاءِ فَإِنَّنِي
لآمُلُ لُطْفَ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ
وَمَا الْحُرَّ إِلاَّ مَنْ يُعَانِي ضَرُورَةً
فَيَبْدُو عَلَيْهِ صَبْرُهُ وَاحْتِمَالُهُ
سَجِيَّةُ آبَاءٍ كِرَامٍ وَرِثْتُهَا
بِحَقٍّ وَيَبْنِي الْمَجْدَ لِلْمَرْءِ آلُهُ
تَوَارَثْتَ عِزَّ الْمُلْكِ عَنْ كُلِّ مَاجِدٍ
سَمَا فِي الْمَعَالِي بَأَسُهُ وَنَوَالُهُ
صَهِيلُ الْجِيَادِ الصَّافِنَاتِ غِنَاؤُهُ
وَتَحْتَ الْبُنُودِ الْخَافِقَاتِ ظِلاَلُهُ
سَلِ الدَّهْرَ عَنْ أَبْنَاءِ نَصْرِ وَإِنْ تَشَأ
فَسَلْ عَنْهُمُ الدِّينَ الَّذِي هُمْ رِجَالُهُ
عَسَى جَبَلُ الْفَتْحِ الِّذِي بِجَوارِهِ
حَلَلْتُ بِقُرْبِ الْفَتْحِ يَصْدُقُ فَالُهُ
نُسَائِلُ أَنْفَاسَ النَّسِيمِ إِذَا سَرَى
عَسَى خَبَرٌ عَنْكُم تُؤَدّي شمالُهُ
وَنَرْجُوا مَزَارَ الطَّيْفِ فِي سِنَةِ الْكَرَى
وَمَنْ لِي بِنَوْمٍ فِيهِ يَسْري خَيَالُهُ
بِنَفْسِي غَزَالٌ قَدْ غَزَتْنِي لِحَاظُهُ
وَتَيَّمَ قَلْبِي حُسْنُهُ وَجَمَالُهُ
هُوَ الْبَدْرُ وَالْجَوْزَاءُ قُرْطٌ مُعَسْجَدٌ
وَجُنْحُ اللَّيَالِي فَرْعُهُ وَدَلاَلُهُ
تُقَرِّبُهُ الأَوْهَامُ مِنِّي وَإِنْ نَأتْ
مَنَازِلُهُ عَنِّي وَعَزَّ مَنَالُهُ
وَأَسْألُ عَنْ أَخْبَارِهِ كُلَّ وَارِدٍ
فَيَالَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ عَنِّي سُؤَالُهُ
أَلاَ فِي سَبِيلِ اللهِ قَلْبٌ مُقَلَّبٌ
عَلَى الْبُعْدِ لاَ يَخْلُو مِنَ الْوَجْدِ بَالُهُ
وَبِالْجَانِبِ الشّرْقِيِّ سِرْبٌ مِنَ الدّمَى
بِغَيْرِ الْكَرَى مَا إِنْ يُصَادُ غَزَالُهُ
تَقَنَّصْتُ مَنْهُ ظَبْيَةَ الأُنْسِ فَانْثَنَتْ
رَهِينَةَ حُبً أَوْثَقَتْهَا حِبَالُهُ
أَفَاتِكَةَ اللَّحْظِ الَّذِي بِجَوَانِحِي
عَلَى غِرَّةٍ مِنْهَا اسْتَقَرَّتْ نِبَالُهُ
يُطِيعُ الْوَرَى مُلْكِي امْتِثَالاً لأَِمْرِهِ
وَأَمْرُكِ مَكْتُوبٌ عَلَيَّ امْتِثَالُهُ
لَئِنْ غِبْتِ عَنْ عَيْنِي فَشَخْصُكِ حَاضِرٌ
يُلاَزِمُ فِكْرِي شَكْلُهُ وَمِثَالُهُ
وَإِنْ نَقَّلتْ عَنْكِ اللَّيَالِي رَكَائِبِي
فُؤَادِيَ شَيْءٌ لَيْسَ يَخْفَى انْتِقَالُهُ
إِذَا مَا حَدَتْ رِيحُ الزَّفِيرِ مَدَامِعَي
تَسِحُّ فَتُرْوَى مَنْ دُمُوعِي رِمَالُهُ
وَتَاللهِ مَا اعْتَلَّ الأَصِيلُ وَإِنَّمَا
تَعَلَّمَ مِنْ شَجْوِي فَبانَ اعْتِلاَلُهُ
تَذَكَّرْتُ لَيْلاً بِالْحَبِيبِ قَطَعْتُهُ
وَشَمْلِي عَلَى كُلِّ الأَمَانِي اشْتِمَالُهُ
تَحَيَّرَ فِيهِ الْفَجْرُ أَيْنَ طَرِيقُهُ
وَفَوْقَ ذِرَاعِي بَدْرُهُ وَهِلاَلُهُ
وَعاطَيْتُهُ مِنْ خَمْرِه وَرُضَابِهِ
شَرَاباً بِهِ مِنْهُ عَلَيْهِ انْتِقَالُهُ
وَعَانَقْتُ مِنْهُ الْغُصْنَ مَالَتْ يَدُ الصَّبَا
بِهِ فَسَبَانِي لِينُهُ وَاعْتِدَالُهُ
تُرَى هَلْ يَعُودُ الشَّمْلُ كَيْفَ عَهِدْتُهُ
وَيَبْلُغُ قَلْبِي مَا اشْتَهَى وَيَنَالُهُ
سَقَى اللهُ مِنْ غَرْنَاطَةٍ مُتَبَوَّأً
غَمَاماً يُرَوِّي سَاحَتَيْهَا سِجَالُهُ
وَرَبْعاً بِحَمْرَاءِ الْمَديِنَةِ آهِلاً
أُمِيطَتْ عَلَى بَدْرِ السَّمَاءِ حِجَالُهُ
وَغَاباً بِهِ لِلْمُلْكِ أَشْبَالُ ضَيْغَمٍ
يَرُوعُ الأَعَادِي بَأَسُهُ وَصِيَالُهُ
لَقَدْ هَاجَنِي شَوْقٌ إِلَيْهَا مُبَرَحٌ
إِذَا شِمْتُ بَرْقَ الشَّرْقِ شَبَّ ذُبَالُهُ
فكَمْ لِي عَلَى الْوادِي بِهَا مِنْ عَشِيَّةٍ
يَقِلُّ لَهَا ذِكْرُ الْفَتَى وَمَقَالُهُ
عَسَى اللهُ يُدْنِي سَاعَةَ الْفَرَجِ الَّتِي
بِهَا يَتَسَرَّى عَنْ فُؤَادِي خَبَالُهُ
صَرَفْتُ إِلَى اللهِ الرَّجَاءَ ضَرَاعَةً
وَمَا خَابَ يَوْماً مَنْ عَلَيْهِ اتِّكَالُهُ
0 أبيات مختارة

عن الشاعر

لسان الدين بن الخطيب

💬 التعليقات0

يجب عليك تسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

تسجيل الدخول / إنشاء حساب