شعار الديوان التميمي

راع العيون جمال هذا المنظر

للشاعر: جبران خليل جبران

رَاعَ العُيُونَ جَمَالُ هَذَا المَنْظَرِ
لِلّهِ دَرُّكَ مِنْ صَبَاحٍ مُسْفِرِ
يَفْرِي الظلامَ ضِيَاؤُهُ وَبِوَجْهِهِ
تُجْلى تبَاشِيرَ الغَدِ المتَنَظَّرِ
هَذِي الحَيَاةُ جَدِيدَةٌ وَجَدِيرَةٌ
بِفَخَارِ مُحْدِثِهَا وَإِن لَمْ يَفخَرِ
لَك يَا عَلِيُّ مَآثِرٌ وَطَنِيةٌ
كثُرَتْ وَلكِنْ مِنْكَ لَمْ تُستَكْثرِ
أَعْظِمْ بِمَا تَبْغِي وَكُلُّ عَظِيمَةٍ
إِنْ تَبْغِها بِالصِّدْقِ لَمْ تتَعَذَّرِ
لَمْ تَأْلُ حِينَ حَدَتْكَ آمَالُ العُلى
أَلاَّ تُجِيبَ دَعَاءَ طِيبِ العُنْصُرِ
مَا أَحْسَنَ الأَصْلَ الزَّكِيَّ وَقَدْ نَمَا
مُتَجَدِّداً فِي فرْعِهِ المُخْضَوْضِرِ
بَيْنَ المَغَارِسِ وَالمَصَانِعِ لَمْ يَدَعْ
بُرْهَانُ سَبْقِكَ حُجَّةٌ لِمُقصِّرِ
وَيَزِيدُ فَضْلَكَ فِي التقَدُّمِ مَا بِهِ
مِنْ قُدْوَةٍ لِلقَادِرِ المُتَأَخِّرِ
لَمْ تسْتِعنْ إِلاَّ بِنَفْسِكَ وَهْيَ مَا
هِيَ فِي الكِفَايَةِ لِلمَرَامِ الأَكْبَرِ
نَفْسٌ لهَا أَنْصَارُهَا وَحُمَاتُهَا
مِنْهَا فَإِنْ تُقْدِمْ بِهَا لمْ تُقْهَرِ
هِيَ مِنْ نَدَاهَا فِي رِعايَةِ أُسْرَةٍ
وَمِنَ العَزَائِمِ فِي حِيَاطَةِ عَسْكرِ
إِنَّا رَأَيْنَا فِي رِحَابِكَ آيَتَيْ
حَزْمٍ وَفِيرِ جَنىً وَعَزْمٍ مُثْمِرِ
ضَرْبٌ مِنَ الخلْقِ الحَرِيبِ بَعَثْتَه
بَعْثَ الخَصِيبِ مِنَ الثرَى إِنْ يُمْطَرِ
كَمْ عَاطِلٍ وَجَدَ السِبيلَ لِرِزْقِهِ
فَمشَى إِلَيْهِ وَلَيْسَ بِالمُتَعثِّرِ
كَمْ بَاهِلٍ مُتحَيِّرٍ فِي أَمْرِهِ
بِهُدَاك عَادَ وَليْسَ بِالمُتحَيِّرِ
كمْ جَاهِلٍ حَاكَ الرِّدَاءَ وَزَانَهُ
بِالوَشْي بَيْنَ مُرَقَّمٍ وَمُسَطَّرِ
لَمْ يَبْدُ مِنْ أَثَرٍ لِغِلطَةِ كفِّهِ
فِي صُنْعِهِ مِنْ سَاذَجٍ وَمُصَوِّرِ
أَقْوَاتُ هَاتِيكَ المِئَاتِ كَفَلتَهَا
بِسَمَاحِ مِعْطَاءٍ وَقَصْدِ مُدبرِ
وَسَقَيْتَهَا المَاءَ القَرَاحَ وَلَمْ يَكُنْ
فِي العَيْشِ مَا نُسْقَاهُ غَيْرُ الأَكْدَرِ
أَلنِّيلُ يَحْمِلُ لِلنَّباتِ غِذَاءَه
فَإِذَا صَفَا جَادَ الأَنامَ بِكَوْثَرِ
هَذَا هُوَ البِرُّ الصحِيحُ بِأُمةٍ
أَخْنَى بِهَا إِهمَالُهَا مِنْ أَدْهَرِ
وَكَمَا بَنَيْتَ لَوِ السرَاةُ بَنَوْا لهَا
لَنجَتْ مِنَ المُبْتَزِّ وَالمُسْتَعْمِرِ
أَمْجِدْ بِطَلَعت حَرْبِ فِي زُعَمائِهَا
وَفؤادِ سُلطَانِ فتَاهَا العَبْقَرِي
أَلفرْقَدَيْنِ تَآلفاً وَتَحَالُفاً
وَهِدايَةً لِبَصِيرَةِ المُتَنورِ
آثرْتَ فيمَا مَهَّدَاه وَأَحْكَمَا
سَنَناً جَدِيراً بِاخْتِبارِ المُؤْثِرِ
وَحَذَوْتَ حَذْوَهُمَا عَلى قَدَرٍ وَمِنْ
لُبِّ الصِّوَابِ الجُودُ بِالمُتَيَسرِ
فَإِلَيْكَ مِنِّي يَا عَلِيُّ قِلادَةً
لَوْ جُسمَتْ أَزْرَتْ قِلادَ الجَوْهَرِ
صَوَّرْتُهَا وَالفَضْلُ فِي إِبْدَاعِهَا
لِجَمَالِ فِعْلِكَ لا لِحُسْنِ تَصَوُّرِي
وأَعِدَّني بِتحِيَّتي لَكَ مُفْصِحاً
عَمَّا يُخَامِرُ فِكْرُ كُلِّ مُفَكِّرِ
0 أبيات مختارة

عن الشاعر

جبران خليل جبران

💬 التعليقات0

يجب عليك تسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

تسجيل الدخول / إنشاء حساب