شعار الديوان التميمي

تصابيت بعد الحلم واعتادني شجوي

للشاعر: محمود سامي البارودي

تَصَابَيْتُ بَعْدَ الْحِلْمِ وَاعْتَادَنِي شَجْوِي
وَأَصْبَحْتُ قَدْ بَدَّلْتُ نُسْكِيَ بِاللَّهْوِ
فَقُمْ عَاطِنِيهَا قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ النُّهَى
عَلَيَّ وَيَسْتَهْوِي الزَّمَانُ عَلَى زَهْوِي
فَمَا الدَّهْرُ إِلَّا نَابِلٌ ذُو مَكِيدَةٍ
إِذَا نَزَعَتْ كَفَّاهُ فِي الْقَوْسِ لَمْ يُشْوِ
فَخُذْ مَا صَفَا مِنْ وُدِّهِ قَبْلَ فَوْتِهِ
فَلَيْسَ بِبَاقٍ فِي الْوِدَادِ عَلَى الصَّفْوِ
أَلا إِنَّماَ الأَيَّامُ دُولابُ خُدْعَةٍ
تَدُورُ عَلَى أَنْ لَيْسَ مِنْ ظَمَإٍ تُرْوِي
فَبَيْنَا تُرَى تَعْلُو عَلَى النَّجْمِ رِفْعَةً
بِمَنْ كَانَ يَهْوَاهَا إِذِ انْقَلَبَتْ تَهْوِي
فَرَاقِبْ بِجِدٍّ سَهْوَةَ الدَّهْرِ وَالْتَمِسْ
مُنَاكَ فَمَا يُعْطِيكَ إِلَّا عَلَى السَّهْوِ
وَلا يَزَعَنْكَ الصَّبْرُ عَنْ نَيْلِ لَذَّةٍ
فَعَمَّا قَلِيلٍ يَسْلُبُ الشَّيْبُ مَا تَحْوِي
أَلا رُبَّ لَيْلٍ قَصَّرَ اللَّهْوُ طُولَهُ
بِهَيْفَاءَ مِثْلِ الْغُصْنِ بَيِّنَةِ السَّرْوِ
فَتَاةٌ تُرِيكَ الْبَدْرَ تَحْتَ قِنَاعِهَا
إِذَا سَفَرَتْ وَالْغُصْنَ فِي مَلْعَبِ الْحَقْوِ
إِذَا انْفَتَلَتْ بِالْكَأْسِ خِلْتَ بَنَانَهَا
يُصَرِّفُ نَجْمَاً زَلَّ عَنْ دَارَةِ الْجَوِّ
وَإِنْ خَطَرَتْ بَيْنَ النَّدَامَى تَأَوَّدَتْ
كَأَنْ لَيْسَ عُضْوٌ فِي الْقَوَامِ عَلَى عُضْوِ
وَإِنِّي مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ إِذَا انْتَوَوْا
مَهُولاً مِنَ الأَخْطَارِ بَاؤُوا عَلَى بَأْوِ
أُنَاسٌ إِذَا مَا أَجْمَعُوا الأَمْرَ أَصْبَحُوا
وَمَا هُمْ بِنَظَّارِينَ لِلْغَيْمِ وَالْصَّحْوِ
إِذَا غَضِبُوا رَدُّوا الأُمُورَ لأَصْلِهَا
كَمَا بَدَأَتْ وَاسْتَفْتَحُوا الأَرْضَ بِالْغَزْوِ
وَإِنْ حَارَتِ الأَبْصَارُ فِي مُدْلَهِمَّةٍ
مِنَ الأَمْرِ جَاؤُوا بِالإِنَارَةِ وَالضَّحْوِ
شَدَدْتُ بِهِمْ أَزْرِي وَحَكَّمْتُ شِرَّتِي
وَأَطْلَقْتُ مِنْ حَبْلِي وَأَبْعَدْتُ فِي شَأْوِي
وَأَصْبَحْتُ مَرْهُوبَ اللِّسَانِ كَأَنَّنِي
سَعَرْتُ لَظَىً بَيْنَ الْحَضَارَةِ وَالْبَدْوِ
فَيَا عَجَبَا لِلْقَوْمِ يَبْغُونَ خُطَّتِي
وَمَا شَأْوُهُمْ شَأْوِي وَلا عَدْوُهُمْ عَدْوِي
إِذَا مَا رَأَوْنِي مُقْبِلاً أَوْحَدُوا لَهُمْ
شَكَاةً فَلا زَالُوا عَلَى ذَلِكَ الشَّكْوِ
يَرُومُونَ مَسْعَاتِي وَدُونَ مَنَالِهَا
مَرَاقٍ تَظَلُّ الطَّيْرُ مِنْ بُعْدِهَا تَهْوِي
وَلا وَأَبِي مَا النَّصْلُ فِي الْفِعْلِ كَالْعَصَا
وَلا الْقَوْسُ مَلآنَ الْحَقِيبَةِ كَالْخِلْوِ
لَقُلْتُ وَقَالُوا فَاعْتَلَوْتُ وَخَفَّضُوا
وَلَيْسَ أَخُو صِدْقٍ كَمَنْ جَاءَ بِاللَّغْوِ
وَماَ ذَاكَ إِلَّا أَنَّنِي بِتُّ سَاهِراً
وَنَامُوا وَمَا عُقْبَى التَّيَقُّظِ كَالْغَفْوِ
فَأَصْبَحْتُ مَشْبُوبَ الزَّئِيرِ وَأَصْبَحَتْ
لَوَاطِئَ فِيمَا بَيْنَ دَارَاتِهَا تَعْوِي
0 أبيات مختارة

عن الشاعر

محمود سامي البارودي

💬 التعليقات0

يجب عليك تسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

تسجيل الدخول / إنشاء حساب