تحية يا حماة البلج يا أسد

هَذِي المَوَاقِفُ لَمْ يَسْبِقْ بِهَا أَحَدُ

عَنْ عِصْمَةِ الدَّارِ لاَ يَعْتَاقُهُ رَشَدُ

مَحَارِمَ الْعَهْدِ لاَ يَلْوِي بِهِ فَنَدُ

مِنْ جَيْشِهِ وَالسِّلاَحُ الْجَمُّ وَالْعُدَدُ

أَرْسَى الْقِلاَعِ فَدُكَّت وَهْيَ تَتَّقدُ

كَالنَّارِ تَمْتَدُّ أَوْ كَالمَوْجِ يَطَّرِدُ

رِقَابَ بِضْعَةِ شُجْعَانٍ بِهِمْ جَلَدُ

دَاءَانِ فِيهِ طُمُوحُ النَّفسِ وَالْحَسَدُ

عَنْ حَيِّزَيْهَا يَضِيْقُ الأَيْنُ وَالأَمَدُ

مَا يَفْعَلُ الْبَأْسُ لاَ مَا يَفْعَلُ الْعَدَدُ

عَلَى مُقَاتَلَةِ الطَّاغُوتِ وَاتَّحدُوا

سَفِينِهِ فَهْوَ لاَ رِزْقٌ وَلاَ بُرُدُ

فَكَانَ خَيْرَ مُجِيرٍ ذَلِكَ المَدَدُ

حَتَّى لَيَذْكُرَهُ النَّائِي فَيَرْتَعِدُ

لِلّهِ فِتْيَتِهَا وَالمَجْدُ مَا مَجدُوا

نُمْرودَ حَتَّى يَخِرَّ الْعَرْشُ وَالْعَمَدُ

إِلمَامَ غَيْرِ محِبٍّ قُرْبهُ لَدَدُ

نَاهِيكَ بِالْجَيْشِ إِذْ يَحْدُوهُ معْتَقَدُ

وَرَاءَهُ مَا بِهَا جِسْمٌ وَلاَ كَبِدٌ

وَمَلْكُهُمْ بَعْدَ تَوْحِيدِ الْقُوَى بَدَدُ

نُهَى الرِّجَالِ بِمَا أَبْلَوْا وَمَا جَهَدُوا

كَيْفَ انْتِقَامَ أَبِيٍّ وَهْوَ مضْطَهَدُ

مَرْمَى الْفَنَاءِ وَبِئْسَ الْحَوْضُ مَا تَرِدُ

بِمَا فَسَدْتَ عَلَى الدُّنْيَا وَمَا فَسَدُوا

أَفْنُوا النَّفائِسَ لاَ تُبْقُوا وَتَقْتَصِدُوا

وَإِنْ تَفُتْكُمْ فُنُونٌ مِنْ أَذىً فَجِدُوا

وَنَدْبُ مَيْتٍ وَقَلْبٌ شَفَّه الكَمَدُ

وَنَاحَ بَعْدَ غِنَاءٍ طَيْرُهُ الْغَرِدُ

مِنْ شَرِّ مَا يَقْتَنِي للظَّالِمِينَ غَدُ

طَغَى عَلَى الْعَالَمِينَ الْبُؤْسُ وَالنَّكدُ

بِلاَ اكْتِرَاثٍ لِمَغْضُوبٍ بِهِ حَرَدُ

ضَخْمُ الصِّياغَةِ مِمَّا لاَ تُجِيدُ يَدُ

بَيْنَ الرُّكَامِ الدَّوَامِي تَاجُهُ قِدَدُ

فَكَمْ لَكُمْ هِمَّة مَحْمودَةٌ وَيَدُ

كَمَا عَطَفْتُمْ عَلَى الجَرْحَى وَإِنْ بَعدُوا

لَمْ يَبْرَحُوا فِي المَعَالِي عِنْدَ مَا عَهِدوا

تِلْكَ الْفَعَائِلُ لِمْ يَسْبِقْ بِهَا أَحَدُ

أَنَّى تُصَانُ الْعُلَى وَالعِرْضُ وَالْبَلَدُ

كَذَا الشَّجاعَةُ وَالإِقْدَامُ وَالصَّيدُ

مْ تًخْطِئْهُ حِينَ اسْتَتَبَّ السَّلْم مِنْكَ يَدُ

رَأْياً وَسَعْياً فَأَنْتَ الرَّأْسُ وَالْعَضُدُ

بَنُوكَ إِنْ قَرُبُوا دَاراً وَإِنْ بَعدوا

بِعَيْنِ ذَاكَ الَّذِي فِي ظِلِّهِ سعِدوا

مَلِيكَةً أَوْرَدَتْهُمْ صَفْوَ مَا تَرِدُ

أُمّاً رَؤوماً تُوَاسِيهِمْ وَتَفْتَقِدُ

فَمَا بِهِنَّ وَقَدْ جَارَيْنَهَا أَوَدُ

يَزِينُهُنَّ سُمُوُّ الرَّأْيِ وَالسَّدَدُ

عَزِيزُ مِصْرٍ وَقَوْمٌ حَوْلَهُ مُجُدُ

وَعَهْدُهُمْ فِي وَفَاءِ الْفَضْلِ مَا عُهِدُوا

مِثَالَ مَا أَضْمَرُوا وُدّاً وَمَا اعْتَقَدوا

بِمَا تَقَرُّ بِهِ الأبْصَارُ إِذْ يَفِدُ

وَأَحْسَنَ الْحَمْدُ فِيهِ الطَّائِرُ الْغَرِدُ