بلغت أقصى العمر الفاني
للشاعر: جبران خليل جبران
بَلَغْتَ أقْصَى العُمُرَ الفَانِي
عِشْ خَالِداً فِي العَالَمِ الثَّانِي
خَطْبُكَ لَيْسَ الخَطْبُ تَعْلُو بِهِ
رَنَّاتُ أشْجَانٍ وَأَحْزَانِ
إنْ يَنْتَقِلْ مَنْ طَهُّرَتْ رُوحُهُ
مَا فُرْقَهُ الرُّوحِ لِجِثْمَانِ
وَتِلْكَ رُوحٌ لَمْ تُشِبْ صَفْوَهَا
شَوَائِبٌ تُمْحَى بِغُفْرَانِ
مَشِيئَةُ اللهِ وَإنْ آلَمَتْ
تَقْبَلُهَا النَّفْسُ بِإذْعَانِ
وَيَرْفَعُ التَّسْيِيحُ فِيهَا بِمَا
يَلِيقُ مِنْ حَمْدِ وَشُكْرَانِ
مَاذَا شَهِدْنَا بِعُيُونِ النُّهَى
مِنْ مَوْكِبِ أبْلَج نُورَانِي
تَرْقَى بِهِ فِي مَلَكُوتِ العُلَى
إَلى مَقَرِّ المَلإَ الهَانِي
أَمْجِدْ بِذِكْرَى زَمَنٍ مُنْقَضٍ
جَعَلْتَهُ غُرَّةَ أَزْمَانِ
كَنِيسَةُ اللهِ بِهِ بَلَغَتْ
غَايَتَهَا مِنْ رِفْعَةِ الشَّأنِ
وَشَعْبُهَا فِي الشَّرْقِ هَيْهَاتِ أنْ
يَنْسَاكَ مَا كَرَّ الجَدِيدَانِ
وَكَيْفَ يَنسَى سَيِّداً صَالِحاً
رَعَاهُ رَعْيَ الوَالِدِ الحَانِي
يَرْفَبُ مَا سَاءَ وَمَا سَرَّ مِن
أحْوَالِهِ رَقْبَةَ يَقْظَانِ
يَعْدِلُ فِي العَطْفِ عَلَيْهِ فَمَا
يُفَرِقُ نائبه عَنِ الدَّانِي
كَمْ جَابَ آفَاقاً لإسْعَادِهِ
بِعَزْمِ لاَ وَاهِ وَلاَ وَانِ
مُكَافِحاً عَنْ كُلِّ حَقٍّ لَهُ
مُنَافِحاً فِي كُلِّ مَيْدَانِ
مَقَالُهُ حَقٌّ وَأفْعَالُهُ
تَتْبَعُ بُرْهاناً بِبُرْهَانِ
أحْكَامُهُ شَرْعٌ وَآرَاؤُهُ
صَادِرَةٌ عَنْ عِلْمِ مِلْفَانِ
وَعَنْ هُدًى لاَ عَنْ هَوًى فَهْيَ لَمْ
تُوصَمْ بِأَوْصَارٍ وَأدْرَانِ
حَيَاتُهُ تَنْسُجُ أيَّامَهَا
مِنْ حُسْنِ تَصْريفٍ وَإحْسَانِ
وَمِنْ عَفَافٍ وَتُقًى صَادِقٍ
بِلاَ مُدَاجَاةٍ وَبُهْتَانِ
تِسْعُونَ عَاماً بَعْضُ أَوْصَافِهَا
يَعْجِزُ عَنْهُ كُلُّ تَبْيانِ
فَلْيَثُبِ اللهُ بِرُضْوَانِ
أخْلَقَ مَنْ وَلَّى بِرُضْوَانِ
كِيرُلِّلسُ التَّاسِعِ يَبْقَى اسْمُهُ
لِعَهْدِهِ أشْرَفِ عُنْوَانِ
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
جبران خليل جبران
