أنسيم سرى بنفحة رند
للشاعر: محمود سامي البارودي
أَنَسِيمٌ سَرَى بِنَفْحَةِ رَنْدِ
أَمْ رَسُولٌ أَدَّى تَحِيَّةَ هِنْدِ
أَطْرَبَتْنِي أَنْفَاسُهُ فَكَأَنِّي
مِلْتُ سُكْرَاً مِنْ جُرْعَةٍ مِنْ بِرَنْدِي
وَأَخُو الْوَجْدِ لا يَزَالُ طَرُوباً
يَتْبَعُ الشَّوْقَ بَيْنَ سَهْلٍ وَفِنْدِ
طَالَ شَوْقِي إِلَى الدِّيارِ وَلَكِنْ
أَيْنَ مِنْ مِصْرَ مَنْ أَقَامَ بِكَنْدِي
حَبَّذَا النَّيلُ حِينَ يَجْرِي فَيُبْدِي
رَوْنَقَ السَّيْفِ وَاهْتِزَازَ الْفِرِنْدِ
تَتَثَنَّى الْغُصُونُ فِي حَافَتَيْهِ
كَالْعَذَارَى يَسْحَبْنَ وَشْيَ الْفِرِنْدِ
قَلَّدَتْهَا يَدُ الْغَمَامِ عُقُوداً
هِيَ أَبْهَى مِنْ كُلِّ عِقْدٍ وَبَنْدِ
كَيْفَ لا تَهْتِفُ الْحَمَامُ عَلَيْهِ
وَهْيَ تُسْقَى بِهِ سُلافَةَ قَنْدِ
هُوَ مَرْمَى نَبْلِي وَمَلْعَبُ خَيْلِي
وَحِمَى أُسْرَتِي وَمَرْكَزُ بَنْدِي
كُلَّمَا صَوَّرَتْهُ نَفْسِي لِعَيْنِي
قَدَحَ الشَّوْقُ فِي الْفُؤَادِ بِزَنْدِ
لِي بِهِ صَاحِبٌ عَلَيَّ عَزِيزٌ
مِثْلُ مَا عِنْدَهُ مِنَ الشَّوْقِ عِنْدِي
أَتَمَنَّاهُ غَيْرَ أَنَّ فُؤَادِي
مِنْ إِسَارِ النَّوَى مُحَاطٌ بِجُنْدِ
فَاهْدِ مِنِّي لَهُ تَحِيَّةَ صِدْقٍ
وَتَلَطَّفْ بِحَالَتِي يَا أَفَنْدِي
أَنَا وَاللهِ مُغْرَمٌ بِهَواهُ
حَيْثُمَا دُرْتُ بَيْنَ هِنْدٍ وَسِنْدِ
إِنَّ شَوْقِي إِلَيهِ أَسْرَعُ شَأْواً
مِنْ سُلَيكٍ وَالْوَصْلُ فِي بُطءِ فِنْدِ
أَسْأَلُ الدَّهْرَ نِعْمَةَ الْقُرْبِ مِنْهُ
وَهْوَ كَزٌّ بِنِعْمَةٍ لَيْسَ يُنْدِي
لَوْ سِوَى الدَّهْرِ رَامَ غَبْنِي لأَصْحَرْ
تُ مُشِيحاً بِالنَّصْلِ فَوْقَ سَمَنْدِ
لَسْتُ أَقْوَى عَلَى الزَّمَانِ وَإِنْ كُن
تُ أَفُلُّ الْعِدا بِقُوَّةِ زَنْدِي
0 أبيات مختارة
عن الشاعر
محمود سامي البارودي
