شعار الديوان التميمي

أضوء شمس فرى سربال ديجور

للشاعر: محمود سامي البارودي

أَضَوْءُ شَمْسٍ فَرَى سِرْبَالَ دَيْجُورِ
أَمْ نُورُ عِيدٍ بِعَقْدِ التَّاجِ مَشْهُورِ
وَأَنْجُمٌ تِلْكَ أَمْ فُرْسَانُ عَادِيَةٍ
تَخْتَالُ فِي مَوْكِبٍ كَالْبَحْرِ مَسْجُورِ
مِنْ كُلِّ أَرْوَعَ يَجْلُو ظِلَّ عِثْيَرِهِ
بِصَارِمٍ كَلِسَانِ النَّارِ مَسْعُورِ
لا يَرْهَبُونَ عَدُوَّاً فِي مُغَاوَرَةٍ
وَكَيْفَ يَرْهَبُ لَيْثٌ كَرَّ يَعْفُورِ
مُسْتَوْفِزُونَ لِوَحْيٍ مِنْ لَدُنْ مَلِكٍ
بَادِي الْوَقَارِ عَلَى الأَعْدَاءِ مَنْصُورِ
فِي دَوْلَةٍ بَلَغَتْ بِالْعَدْلِ مَنْزِلَةً
عَلْيَاءَ كَالشَّمْسِ فِي بُعْدٍ وَفِي نُورِ
طَلَعْتَ فِيهَا طُلُوعَ الْبَدْرِ فَازْدَهَرَتْ
أَقْطَارُهَا بِضِيَاءٍ مِنْكَ مَنْشُورِ
فَلْيَفْخَرِ التَّاجُ إِذْ دَارَتْ مَعَاقِدُهُ
عَلَى جَبِينٍ بِنُورِ السَّعْدِ مَغْمُورِ
كَأَنَّما صَاغَ كَفُّ الأُفْقِ أَنْجُمَهُ
لِلْبَدْرِ مَا بَيْنَ مَنْظُومٍ وَمَنْثُورِ
فَيَا لَهَا حَفْلَةً لِلْملكِ مَا بَرِحَتْ
تَارِيخَ مَجْدٍ بِكَفِّ الدَّهْرِ مَسْطُورِ
ظَلَّتْ بِهَا حَدَقُ الأَمْلاكِ شَاخِصَةً
إِلى مَهيبٍ بِفَضْلِ الْحِلْمِ مَشْكُورِ
فَكَمْ أَمِيرٍ بِحُسْنِ الْحَظِّ مُبْتَهِجٍ
وَكَمْ وَزِيرٍ بِكَأْسِ الْبِشْرِ مَخْمُورِ
فَالأَرْضُ فِي فَرَحٍ وَالدَّهْرُ فِي مَرَحٍ
والنَّاسُ مَا بَيْنَ تَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرِ
فِي كُلِّ مَمْلَكَةٍ تَيَّارُ كَهْرَبَةٍ
يَسْرِي وَفِي كُلِّ نَادٍ صَوْتُ تَبْشِيرِ
يَوْمٌ بِهِ طَنَّتِ الأَسْمَاعُ مِنْ طَرَبٍ
كَأَنَّ فِي كُلِّ أُذْنٍ سِلْكَ طُنْبُورِ
وَكَيْفَ لا تَبْلُغُ الأَفْلاكَ دَوْلَةُ مَنْ
أَضْحَى بِهِ الْعَدْلُ حِلاً غَيْرَ مَحْظُورِ
هُوَ الْمَلِيكُ الَّذِي لَوْلا مَآثِرُهُ
مَا كَانَ فِي الدَّهْرِ يُسْرٌ بَعْدَ مَعْسُورِ
فَلَّ النَّوَائِبَ فَانْصَاحَتْ دَيَاجِرُهَا
بِمُرْهَفٍ مِنْ سُيُوفِ الرَّأْيِ مَأْثُورِ
وَأَصْلَحَتْ عَنَتَ الأَيَّامِ حِكْمَتُهُ
مِنْ بَعْدِ مَا كَانَ صَدْعَاً غَيْرَ مَجْبُورِ
مُسَدَّدُ الرَأْيِ مَوْقُوفُ الظُّنُونِ عَلَى
رَعْيِ السِّيَاسَةِ فِي ثَبْتٍ وَتَحْوِيرِ
لا يُغْمِدُ السَّيْفَ إِلَّا بَعْدَ مَلْحَمَةٍ
وَلا يُعَاقِبُ إِلَّا بَعْدَ تَحْذِيرِ
يَا أَيُّهَا الْمَالِكُ الْمَيْمُونُ طَائِرُهُ
أَبْشِرْ بِفَتْحٍ عَظِيمِ الْقَدْرِ مَنْظُورِ
إِنَّ الْخُطُوبَ الَّتِي ذَلَّلْتَ جَانِبَها
بِحُسْنِ رَأَيِكَ لَمْ تُقدَرْ لِمَقْدُورِ
بَلَغْتَ بِالشَّرْقِ مَا أَمَّلْتَ مِنْ وَطَرٍ
وَنِلْتَ بِالْغَرْبِ حَقَّاً غَيْرَ مَنْكُورِ
فَمَنْ يُبَارِيكَ في فَضْلٍ وَمَكْرُمَةٍ
وَمَنْ يُدَانِيكَ فِي حَزْمٍ وَتَدْبِيرِ
لَوْلاكَ مَا دَامَ ظِلُّ السِّلْمِ وَانْحَسَرَتْ
ضَبَابَةُ الْحَرْبِ إِلَّا بَعْدَ تَغْرِيرِ
وَلا سَرَى الأَمْنُ بَعْدَ الْخَوْفِ وَاعْتَصَمَتْ
بِجَانِبِ الصَّبْرِ هِمَّاتُ الْمَغَاوِيرِ
فَاسْلَمْ لِمُلْكٍ مَنِيعِ السَّرْحِ تَكْلَؤُهُ
بِعَيْنِ ذِي لِبَدٍ فِي الْغَابِ مَحْذُورِ
وَاقْبَلْ هَدِيَّةَ فِكْرٍ قَدْ تَكَنَّفَهَا
رَوْعُ الْخَجَالَةِ مِنْ عَجْزٍ وَتَقْصِيرِ
وَسَمْتُهَا بِاسْمِكَ الْعَالِي فَأَلْبَسَهَا
جِلْبَابَ فَخْرٍ طَوِيلِ الذَّيْلِ مَجْرُورِ
لَوْلا صِفَاتُكَ وَهْيَ الدُّرُّ مَا بَهرَتْ
أَبْيَاتُهَا الْغُرُّ مِنْ حُسْنٍ وَتَحْبِيرِ
شَمَائِلٌ زَيَّنَتْ قَوْلِي بِرَوْنَقِها
كَالسِّحْرِ يَفْتِنُ بَيْنَ الأَعْيُنِ الْحُورِ
شَفَّتْ زُجَاجَةُ فِكْرِي فَارْتَسَمْتُ بِهَا
عُلْيَاكَ مِنْ مَنْطِقِي فِي لَوْحِ تَصْوِيرِ
فَاسْعَدْ بِيَومٍ تَجَلَّى السَّعْدُ فِيهِ عَلَى
نَادِي عُلاكَ بِتَعْظِيمٍ وَتَوْقِيرِ
وَدُمْ عَلَى الدَّهْرِ فِي مُلْكٍ تَعِيشُ بِهِ
مُرفَّهَ النَّفْسِ حَتَّى نَفْخَةِ الصُّورِ
0 أبيات مختارة

عن الشاعر

محمود سامي البارودي

💬 التعليقات0

يجب عليك تسجيل الدخول لتتمكن من إضافة تعليق.

تسجيل الدخول / إنشاء حساب